الأحد، 9 سبتمبر 2012

أزمة اقتصادية في بلد لا يفهم سوى لغة الأزمات

نمرُّ قليلاً بأحدِ شوارع الضفة الضيّقة ، يقطن على ضفتيه أناس بسطاء ، لا يعرفون سوى الخبز و الطحين، والزيت ذو الطعم الطبيعي المصفّى من زيتونةٍ في أرضٍ ذاقت و ما زالتْ تذوق العذابات ، من مستوطنين و جيشٍ خلف ظهره لكي يحميه .
فضلاً عن ذلك بما  يمرّ به هذا الرجل الفلسطيني و ذاك الشبل الفلسطيني ، وهذه المرأة المكافحة ، فقد زادتْ أعباؤه ثقلاً و نصباً ، يتعبَ كاهله .
فنمرُّ حالياً بأزمة خانقة و غلاء أسعار ، وإذ بهؤلاء الناس البسطاء ، إذ طفح الكيل لديهم ، فلا سبيل لهم للتغيير سوى أنْ يخرجوا في مظاهرات ، لا يدركون بنتيجتها ، أو إذ بالمحتل يقرر بإرجاعهم إلى بيوتهم قسراً ، فهي ليستْ كمثيلاتها من دول .
فيخرجون بمظاهرات ينادون فيها ، بإيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة ، التي أودت بمقتل شاب في غزة ، في عنفوان شبابه ، و ذلك لما مرّ فيه من حال لا يطاق .
فهؤلاء الشباب ينادون بالتغيير ، و إنني لأشعر بأنّ الربيع العربي يشدّ برحاله إلى الوطن ، بعد مرور سحابته من فوق تونس و مصر و اليمن و مكوثه في بلد كثرتْ فيه أنهار الدم سيولاً ـ سوريا ـ ، إذ بدأتْ بإنبعاث شرارات قد يضفي نوعاً من التغيير في حالنا السياسي والإقتصادي ، وأيضاً الاجتماعي .
إن حالنا لا يرضى به الصغير في القدس وغزة ، والخليل و بيت لحم  و جنين و أريحا , وغيرها ، و حتى الكبير من أزمات قاتلة ، فضلاً عن الانقسام الذي أدنى من أن نصفه بالأحمق.
و إذ سمعتُ قبل الأمس بأنّ فخامة الرئيس ، رئيس السلطة الفلسطينية التي تحكم نفسها ، بأنه سيلقي خطاباً للجماهير الفلسطينية في الوطن والشتات في صباح البارحة ، فقد خطر في بالي حينها ، بأن هذا أبٌ لشعب ، كما كان رئيسنا أبوعمّار ـرحمه الله ـ ، فقد زادني بهجة و أملاً ، بأنه ربما يحملُ في جعبته الكثير من الحلول المميزة ، التي قد ترضي هؤلاء الفلسطينين الذين لم يعرفوا الحلو في حياتهم ، والذين لا يعرفون سوى بقالتهم أو بسطتهم في الشارع الذي قد يحتله ذلك الصهيوني المتغطرس يوماً .
فإذا برئيس دولة فلسطين ، يتكلّم عن الأزمة بكلّ أريحية و كأنّ الشارع خرج ، ليس ليتظاهر مناهضةَ لسياسات الحكومة ، وإنما بالنصر بإسترجاع القدس!!
و أكملَ حديثه عن مواضيع سياسية ، تأخذ فقط من الوقت قليلاً ، لا شأنَ لها بواقع حياة .
و أخذَ يشدّ في حديثه إلى أنْ تكلّم عن غزة و حاكمها، و أني شعرتُ في كلامه بعضاً من الحقد الدفين ، و إذ يردّ عليه واحدٌ من سادات قومنا هنا في غزة ، بعد أقل من ساعة ، قوله : بأن أبو مازن يتنصّل من المصالحة ، عند دعوة الأخير بأنّ الانتخابات هي الحل الوحيد للغز الإنقسام ، و هي السبيل الشرعي! ، والوحيد للخروج من الأزمة الدائرة في الوطن .
و اتهامه أيضاً بأن الرئيس يريدُ أن يكبّ همّ الضفة من أزمات و مشاكل اقتصادية ، إلى غزة و على عاتق حماس .
أهولاء من حكمونا دهوراً ، أهم لهم أعينٌ لا ترى الورى إذ يئنُّ و الأقصى يهوّد ، و آذانٌ لا تسمع أنين الأطفال في غزة و القدس ، ولا يدركون التاريخ الفلسطيني ، إذ يرزحُ الفلسطيني تحت وطأة الإحتلال منذ أكثر من ستين عاماً .
ألا يكفي لنا محتل و زمرته بأساليبه القمعية ، و خططه الماكرة بأن يزيدونا الطين بله ، بحكومات ويكأنّها تحكمنا! بضمير.
فإذا بهذا شكل لحكوماتٍ تحكمنا ، فنحن بعد اليوم لسنا بحاجة إلى حكومات و سلطات تحكمنا ، و تزيدنا ألماً و تعمّق جرح أحلامنا و آمالنا ، فنريد أنْ نحكمَ أنفسنا بأنفسنا ، و نرحّب بالعصيان المدني ،فبهذا قد نشعرُ بكرامتنا قليلاً لشعب طلب الحرية كثيراً ، و غابت عنه كرامته دهوراً ... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق